تسكر تبكي أغنية من كلمات ميدو زهير ضمن ألبوم “الإخفاء”، لتامر أبو غزالة ومريم صالح وموريس لوقا، في تجربة تعاون ثلاثي، ربما نقول تعاون رباعي، لأن كل كل كلمات الألبوم لميدو.

بعيدا عن تقيم الألبوم بشكل فني، وهل هو ألبوم جيد، أم لا، الأهم بالنسبة لي هو إنه تجربة جديدة على ساحة فنية فقيرة جدا في التجربة، والمغامرة.

خاصة مع أغنية مثل “تسكر تبكي”، والتي طرحت بنسختين، نسخة مشفرة، ونسخة +18، بدون أي تشفير في الكلمات، الأغنية بها جرأة ومغامرة كبيرة، اختيار فريق العمل لكلمات أغنية يحتوي على شتائم واضحة وصريحة، وعدم تغير الكلام، وغنائه بشكل واضح وصريح، فهي مغامرة ثورية من الدرجة الأولى.

ولجل الحلوة كانت شرموطة

ولجل مُغَفل ف الحدوتة

ولجل علامك لسة قلَُيل

تسكر تبكي زي العيل

لجل الصُحبة كانت قَحبة

 

الكلمات غير مقحومة في الأغنية، أو القصيدة التي كتبها ميدو، ويمكن التنظير عن أصل كل كلمة ومدى تعلقها بالفصحى أو العامية المصرية، ولكن لا، بلا أي تنظير، هي بالفعل شتائم تستخدم كل يوم في الشارع المصري، دون أي تعديل أو تلطيف للمشاعر، لذلك هي أغنية ثورية على كل شيء، على شكل الأغنية، وعلى المجتمع.

وهي تشابك أكثر ثورية من ألبومات وأغاني سياسية، تطرح على أنها ثورية، كما جاء في ألبوم كاريوكي الأخير، فبعد 7 سنوات من ثورة 25 يناير، وبكل ما مر به الشارع المصري من أحداث، أصبحت الشعارات السياسية والاجتماعية العامة، شيء مليء بالسذاجة والحماس الثوري الطفولي.

أصبح الاشتباك الذاتي والشخصي مع المجتمع، والاشتباك بعيدا عن السياسة، هو فعل سياسي وثوري بشكل واضح، كلمات الأغنية واضح جدا أنها كلمات ذاتية، تصف حالة شخص معين، ربما تشابك معها أشخاص كثيرين، لكن في النهاية هي تجربة ذاتية، لذلك هي أكثر ثورية من الهتافات العامة.

تذكرت أغنية لميدو زهير كانت ظهرت في قبل أحداث 25 يناير، اسمها عمود النور، كانت تغنيها فرقة اسمها (4*6) ثم تحول اسمها إلى عشرة غربي، لكن النسخة القديمة من الأغنية هي الأجمل بالنسبة لي على الأقل، وهي عن شخص يتحدث لعمود نور في الشارع، الأغنيتين بهم نفس درجة الذاتية، والتي يتميز فيها ميدو جدا عن باقي كل شعراء جيله، كما قال في قصيدة له “وإن مريت بجنان الوحدة دق في عين الليل مسمار، واكتم نفسك اعمل ميت، جرب طعم الموت بهزار، واملى البيت مرايات الدنيا يمكن تبقى عشر تنفار”

يا عمود النور صاحبني

نورك الاصفر ساحبني

من الزعل بسند عليك

لما كل الناس تسبني

مستعد أنا بات معاك

عبيط محدش هيحسبنى

لو تحب ننام ونصحى

أنا الى تأمر به عجبنى

عايزنى اقف جنبك عمود

عايزني اسكر لما اموت

وأية الجديد عليا

منا كل يوم من الناس بموت

وأنا اللى زيى يتمم صبا

 

في النهاية نحن أمام أغنية ثورية جديدة، أتمنى أن تكون بداية لأغاني ثورية بهذا الشكل، وبالطبع لا أقصد أن نملأ الأغاني بالشتائم، ولكن أقصد أن تكون الأغاني أكثر ثورية وتجريبية، بعيدا عن الشعارات العامة والفضفاضة وبعيدة عن الموسيقى التجارية السهلة.